(((جميلة المغنية)))
هي اصل من اصول الغناء وعنها اخذ معبد وابن عائشة وحبابة وسلامة .كانت اعلم خلق الله بالغناء وكان معبد يقول:
اصل الغناء جميلة وفروعه نحن ,ولولا جميلة لم نكن نحن مغنيين.
قال اللهبي:اتى منزل جميلة ابن ابي عتيق وابن ربيعة والاحوص فاستأ ذنوا عليها فاذنت لهم .فلما جلسوا سالت عمر واحفت ( اي بالغت في الحفاوة)فقال:لها اني قصدتك من مكة للسلام عليك .فقالت :اهل الفضل انت.
فقال عمر ابن ربيعة لها وقد احببت ان تفرغي لنا نفسك اليوم وتخلي لنا مجلسك.قالت :افعل .فدعت بالعود وغنت.
تمشي الهوينا اذا مشت فضلا***مشي النزيف المخمور في الصعد
النزيف اي السكران .الصعد :الصعود والارتفاع .
فلقد سمعت للبيت زلزلة وللدار همهمة . ثم سكنت واخذوا في الحديث ،ثم اخذت العود فغنت:
شطت سعاد وامسى البين قد افدا ***واورثوك سقما يصدع الكبدا...
فاستخف القوم اجمعيين وصفقوا بايديهم وفحصوا بارجلهم وحركوا رؤسهم .واحضر الغدا فتغدى القوم بانواع من الاطعمة
الحارة والباردةومن الفواكهةالرطبة واليابسة ثم دعت بانواع من الاشربة فشرب القوم .فغنت صوتا بشعر لعمر ابن ربيعة
ولقد قالت لجارات لها***كالمهى يلعبن في حجرتها .
خذن عني الظل لا يتبعني ***ومضت تسعى الى قبتها
لم تعانق رجلا فيما مضى ***طفلة غيداء في حلتها.
فصاح عمر :ويلاه ،ويلاه،ثم عمد الى جيب قميصة فشقة الى اسفله فصار قباء .ثم آب علية عقلة فندم واعتذر ،وقال :لم املك من نفسي شيئا .قال القوم :قد اصابنا كالذي اصابك واغمي علينا ،غير غير انا فارقناك في تخريق الثياب .فدعت جميلة بثياب فخلعتها على عمر ،فقبل الثيلب ولبسها
وانصرف القوم وكان عمر نازلا على ابن ابي عتيق فوجة الى جميلة بعشرة الاف درهم وبعشرة اثواب ،فقبلتها جميلة.
وحجت جميلة فخرج معها من المغنيين ،حتى وافوا مكة ورجعوامعا ، معبد وابن عائشة وعزة الميلاء وحبابة وسلامة وابن عتيق والاحوص وكثير ونصيب ،وتخايروا في اتخاذ انواع اللباس العجيب الظريف.وكذلك في الهودج والقباب ،ولما قاربوا مكة تلقاهم ابن مسجح وابن سريح والغريض وابن محرز وعمر ابن البي ربيعة والحارث بن خالد المخزومي والعرجي وجماعة من الاشراف فدخلت جميلة مكة ومابالحجاز مغن حاذق ولا مغنية الا وهو معها .
وخرج اهل مكة ينظرون الى جمعها وحسن هيئتهم .فلما قضت حجها سالها المكييون ان تجعل لهم مجلسا .فقالت :
للغناء او الحديث ؟فقالوا لهما جميعا.قالت ما كنت لاخلط جدا بهزل ...وابت ان تجلس للغناء .فقال عمر ابن ابي ربيعة
اقسمت على من في قلبة حب لاستماع غنائها الا خرج مها الى المدينة .فخرجت في جمع اكثر من جمعها ،فلما قدمت فدخلت احسن مما خرجت . فلما دخلت منزلها وتفرق الجميع الى منازلهم ونزل اهل مكة على اقاربهم واخوانهم ،اتاها الناس مسلميين ،وما استنكف من ذلك كبير ولاصغير .فلما مضى لمقدمها عشرة ايام جلست للغناء .فغضب الدار
بالشراف من الرجال والنساء .فغنت بشعر عمر :
هيات من امة الوهاب منزلنا ***اذا حللنا بسيف البحر من عدن..
فضج القوم من حسن ما سمعوا ،ودمعت عين عمر حتى جرى الدمع على لحيتة وثيابه ،ثم اقبلت على ابن سريح فقالت:هات فاندفع يغني بشعر عمر:
وقولي في ملاطفة ***لزينب نولي عمرا...
ثم قالت لابن مسجح :هات يا ابا عثمان ..فغنى وثم قالت :يامعبد، هات ،فغنى .ثم قالت يابن محرز ،فغنى ..ثم قالت للغريض:هات يامولى العبلات .فغنى .ثم اقبلت على ابن عائشة فقالت :يا اباجعفر ،هات فغنى ،ثم قالت:يا ماك ،هات فاندفع يغني وقطعت المجلس وانصرف الناس فلما كان اليوم الثاني اجتمع الناس فضربت ستارة واجلست الجواري كلهن فضربن على خمسين وترا فتزلزلت الدار ثم غنت على عودها وهن يضربن على ضربها .ثم قالت : للجواري:اكففن ،فكففن ،وانقضى المجلس وعاد كل انسان الى وطنه..
قال سياط: جلست جميلة يوما للوفادة عليها وجعلت على رؤوس جواريها شعورا مسدلة كالعناقيد الى اعجازهن
والبستهن الثياب المصبغة ووضعت فوق الشعور التيجان ،وزينتهن بانواع الحلي،